خربشاتي

 أيمكن ان تحتوي الكلمات على كل هذه التجارب، و الآلام و الحياة. هذا ما استطاعت الكاتبة بقصصها المتنوعة عن ايصال صورة من حياة الهنود في امريكا و بريطانيا. ما أعجبني هو بحث الهنود المستمر عن بعضهم في الغربة، فهم بذلك يجدوا ما يعيد لهم رائحة الهند في بلاد الغربة. من اكثر القصص التي اثرت فيي في هذا الكتاب هو حكاية بيرزادة البنغالي الذي ترك دكا و لفرصته لزيادة علمه في أمريكا. استضافته عائلة هندية مسيحية، تناسوا فوارق الاديان بينهم، و اجتمعوا على حب بلدهم و ذكرياتهم، رغم الحرب التي وقعت بين الهند و باكستان ، لم يفرق ذلك بينهم، حتى عاد بيرزاده لبلاده ووجد عائلته بالف خير. وفقت الكاتبة جدا في اختيار الموضوع و سرد قصص تمثل حياة كل من اغترب و ابتعد عن بلاده. 

 مجموعة قصصية خيبت آمالي، فصدقا لا يوجد نهاية او هدف من اي قصه موجودة في هذا الكتاب و ربما ايضا تلك المقدمة التي بلغت ٥٠ صفحة التي سمح المترجم لنفسه باضافتها، لا تسمن و لا تغني من جوع.

 هل يمكن ان تحتوي ١٠٠ صفحة فقط على هذه الكمية من القذارة و الألفاظ القذرة؟! نعم في هذه الرواية، لا ادري كيف يرتبط الشعر بهذه الألفاظ و الحياة الماجنة و الالفاظ الخارجة، صدقا لم اجد اقذر من هذه الالفاظ في رواية كما وجدتها هنا. رغم حبي لادب امريكا الجنوبية كانت هذه التجربة اسوأها. 

 لكني أرى الآن و للمرة الأولى أنك إنسان مثلي.  كنت افكر من قبل في قنبلتك اليدوية، في حربتك، في بندقيتك.  اما الآن فلست أرى إلا زوجتك ووجهك و زمالتك.  اغفر لي أيها الزميل و اصفح عني ،  فنحن لا نفتح أعيننا الا بعد فوات الاوان.  لم لا يقال لنا انك بؤساء مثلنا، ان امهاتكم يتلهفن لوعة و جزعا مثل أمهاتنا، و أننا جميعاً نشترك في الخوف من الموت و أننا سواء في الاحتضار و النزع؟  اصفح عني ايها الزميل، كيف يمكن أن تكون عدوا لي؟ لو اننا طرحنا بدلنا العسكرية و بنادقنا، لألفيتك زميلا لي، انسانا مثلي،  خذ ٢٠ سنه من حياتي أيها الزميل و قم، بل خذ اكثر من هذه المدة،  فلست أدري بعد الآن كيف أنتفع بهذه الحياة. الحروب يقررها الأقوياء أصحاب القوة، و يدفع ثمنها الأبرياء و الضعفاء، الذي كبروا على تمجيد الوطن و الموت في سبيله، لكن الا يحق لهم و لنا أن نعيش ليعيش الوطن؟! لماذا اوطاننا تطلب منا الموت دوما في سبيل رفعتها، ألسنا نحن من نبني الأرض و نقيم الأوطان؟! هكذا هي كانت حال بول، في الحرب العالمية الأولى، كان شابا بلغ ٢٠، ممتلئ بالشعارات الرنانة، فتطوع في الجيش لحما...

 باسكاليه و احلامه المتداخلة في طفولته، ارجعتني لايام طفولتي، الى تلك الايام التي نعرف فيها كثيرا، نتجول و نغامر كثيرا، لكننا لا نفكر ابدا، نعرف كأطفال كيف نعيش ايامنا و مشاعرنا للنهايه. ابدع بوسكو بمزج الواقع بالخيال ،الذكريات بالاحلام، ربما نتوه معه قليلا، لكن ذلك اطفى جمالا على اسلوبه، فحكاية باسكاليه مع النهر الذي طالما حذره والده منه، و تلك المغامرة التي خاضها في ذلك النهر العجيب، بعد ان انقذ غاتزو الطفل المخطوف، تنقل كل من يقرأها الى عالم أحلامه و طفولته، فما يلبث الا ان يلفي نفسه يعيشها مع باسكاليه و غاتزو.

 فقط تبا لك يا سالنجر، المزيد و المزيد من الهراء بعد ان ضيعت وقتي ايضا في "الحارس في حقل الشوفان"، لم ارى او احس بايه معاني او حتى مشاعر من قراءتي لهذه القصص عديمة الفائدة. 

 قاد الحلم الدكتور فيرودلين و زوجته ألبيريتنا الى متاهات من الخيال و ربما الخيانات العقلية، كانا يظننا أنفسهما أنهما يكننا الحب لبعضهما، لكن تلك الاحلام زرعت الشك في نفسيهما و خاصة الدكتور فيردولين. ذلك الطبيب الناجح، الذي يعيش حياة هانئة، تظنه لوهلة انسان لا ينقصه شيء، بينما في الواقع هو ينضخ بكل الشهوات، هو يتمنى ان يكون مع كل امرأة يراها و تعجبه، لكنها إن لانت له، احتقرها و مضى يبحث عن غيرها، و عاد ليلا لزوجته ليكون الزوج السعيد و يعترف باخطائه لها طالبا السماح.  لكن ألبيرتينا ايضا تماثله، رغم اعترافها له و طلبها السماح، الا انها ايضا مستعدة لخيانته ان سنحت لها الفرصة، هما في الاخير زوجان مناسبان لبعضهما، فهما يشبهان بعضهما جدا.  اوصل الكاتب الحلم بدون ذكره اصلا، ذكر كل تلك التفاصيل التي قادتنا لاكتشاف حلم الزوجين، و معدنهما السيء. 

 لطالما كرهت هذه الاختراعات التي دمرت البشرية و غيرتها، كالقنبلة الذرية التي ألقاها الامريكان على اليابان، ربما كان اختراعاً علمياً، لكن هل يمكن لأي عالم او شخص على سطح الارض، ان يخبرني بماذا أفاد هكذا اختراع هذه الأرض، غير تدمير اجيال، عايشوا التغييرات الجينية و التشوهات للآن؟! لا اعلم كيف استطاع د. بريد ان يتحدث عن العلم و افادة البشرية و هو يتكلم عن من اخترع القنبلة الذرية؟!  استطاع الكاتب ان يصف جزءاً مخفيا من حياة ذلك العالم الذي اخترع هذه الكارثه هو و اولاده، لكنني لم و لن اتقبل ذلك مهما حصل، ان ينعم مخترع ذلك الدمار في تلك اللحظه هو و اطفاله بالسلام، بينما قنبلته محت هيروشيما و ناغازاكي عن الوجود، و بخرت الآلاف من البشر بنفس اللحظة، و مسحت عقول الاخرين فاصبحوا جوالين يجوبون المنطقة حتى سقطوا صرعى، بالاضافه الى العديد و العديد من آثار الاشعاع التي تعرض لها اليابانيون  . بالاضافة الى اسلوب الكاتب و تقسيم الكتاب الى عناوين صغيره تصف محتوى الفقرة، لكن صدقا ذلك زاد الكتاب مللا و خيبة.  ربما حاول بطريقته السخرية من تلك الاختراعات التي زادت العالم بؤسا و همجيه لكن ذل...

مامن حياة تضيع هباء، الوقت الوحيد الذي نضيعه هباء  هو الوقت الذي نقضيه في التفكير أننا وحدنا. نهايتنا هي بداية جديدة لنا او لغيرنا، حياتنا لا تنتهي بمغادرتنا هذه الارض، هي بداية لما سيأتي و نعيشه عند خالقنا. كانت رواية رائعة، كشفت لإدوارد خفايا ما آلمه و أوجعه في حياته، بدءا بذلك الرجل الذي عاشو مات منبوذا و أسموه الرجل الازرق، الذي كان ايدي بدون علمه سببا في موته، مرورا بزوجة مالك مدينة الملاهي التي عمل ايدي طوال عمره فيها، و التي أنبأته عن حب والده له، ذلك الوالد القاسي بنظر ايدي، مرورا بالكابتن الذي انقذ حياته في تلك الحرب التي غيرت حياته للأبد. اخيرا التقى حب حياته، مارغريت، كانت هي من ذكرته بحلاوة الحياة التي عاشها و نهاية بذلك الظل الذي ركض وراءه مخاطرا بحياته لإنقاذه، و الذي تبين انها كانت طفلة صغيره اسمها تالا، هو سعى لإنقاذها، رغم ما جره هو و بلاده عليها و على بلاده من حرب وويلات. كانت تالا هي مفتاح دخوله الجنه، و مفتاح فهمه حياته التي عاشها على هذه الأرض. صدقا كان كتابا عميقا جميلا، منطقيا، ربما، من المؤكد اننا في النهاية سندرك ما عجزنا عن ادراكه في حياتنا و بعقولنا المحد...

 لكن الوقت، و إن لم يمح كل ذكرى، فإنه يجعلها باهتة، الألم الذي ظننت أنه سيمزق قلبك، يصبح أقل حدة. ان ادق ما يقال عن هذه الرواية انها واقعية، تجمع بين الحياة و متاعبها و تصلك كل تلك المعاناة التي تتكبدها البطله هي و جدتها من قبلها لايجاد عمل لائق يؤمن متطلباتهما، تلك الجدة التي ضحت بكل شيء لتربية حفيدتها و تعليمها مهنة تستطيع العيش منها، فكانت الحفيدة كما أرادتها جدتها.  كانت الحفيدة  تدرك مصاعب العيش في ذلك الزمن، تدرك الفرق بين الطبقات البشعة في ذلك الزمن، السيد النبيل و عائلته و حتى خدمه له معاملة تختلف عن العمال و العاملات، لكم أمقت تلك الفروق الاجتماعية التي تتاح للبعض فقط بسبب نسبهم و عائلتهم، أيملك الانسان حق اختيار نسبه؟!!!! كانت البطلة تخاف ان يدق قلبها و تسمح لنفسها بأن تحب، و ذلك عند ظهور جوديو ذلك الشاب النبيل، الذي حاول ان يغير شيئا في قواعد ذلك الزمن البالي، حاول ان يقنعها بانه يحبها لشخصها، و عندما نجح غيبه الموت. كما هي حال ابنة صديقتها زيتا التي غيبها هي الموت، حاولت ان تكون معيلة لها، كانت الفتاة تخاف ان تروكها هي كما تركتها والدتها أيضا، هي من أنقذتها عن...

 سوف تأتي سفينة يوماً ما، ربما يكون ذلك في القريب العاجل،  و ربما لا يكون، لكن السفينة ستأتي.  يجب ألا نقضي الحياة في الرجاء و الإنتظار دائما،  فغاية الحياة أن نحياها. عاش كينسوكي حياته كلها خائفاً من البشر، لهول ما شاهده من فظاعاتهم خلال الحرب العالمية الثانية، و اعظمها هو إلقاء القنابل النووية على هيروشيما و ناغاساكي، مما أفقده الأمل بالرجوع الى بلده المدمرة، لانه على ثقة بان زوجته و ابنه و اهله و كل من عرفهم قد تبخروا، و أفقده ثقته بالبشر. إلى أن جاء مايكل الى هذه الجزيرة و غير مفاهيمه بطفولته و عناده ببعض الأحيان، فملأ قلب كينسوكي بالحب و الأمل، لكنه رغم ذلك، بقي وفيا للقردة و لم يتركها و يرحل عن الجزيرة. كانت قصة مايكل و ضياعه و غرقه، و عيشه مع كينسوكي في جزيرته و مملكته، هي حكاية اليأس و الأمل و الإيمان، فمن يكن عنده الإيمان، يبقى لديه الامل دوما بالحياة و النجاة. أحب قصص الاطفال التي تخاطب الكبار كما في هذا الكتاب، ابدع الكاتب بتبسيط الامور، و ايجاد قصة تمتلئ بالدروس و المفاهيم، كانت رواية رائعة جدا. 

 كانت مدبرة المنزل هي اكبر مثال لأن تكون إنساناً فعلا، ان تهتم بالآخرين فقط لانهم يحتاجون للرعاية، ليس طمعاً في مال او ارتباط او اي مصالح دنيوية. كانت مدبرة المنزل، تُعنى بالأستاذ، رعاية تامة، فهي تحاول ان تكون حاضرة عندما يحتاج للعون، كانت تستمع لكلامه الطويل عن الرياضيات و الارقام لساعات و ساعات، مما جعلها هي و ابنها يشاطرون ذلك الرجل العبقري شغفه بالارقام إلى الأبد. كانت حكاية حلوة، فيها ارقام و معلومات أحببتها و حاول توسيع أفقي و معلوماتي، فيها انسانية و اهتمام بلا مصالح، و ذلك ما نحتاج إليه في زمننا هذا. كانت الكاتبة مبدعة في سردها، و إيراد المعلومات الصحيحة. 

 صدقا كانت مملة جدا جدا، و سلبية المعلم اضفت عليها جوا اضافيا من الملل، لا اعلم كيف لاحد ان يفقد ثقته بكل شيء حوله، حتى زوجته التي تشاركه حياته. كان المعلم شخصية غامضة، ليس لانه يمتلك العديد من الاشياء و الاحداث و التجارب في حياته، هو اراد إضفاء هذا الطابع في داخل كل من يعرفه، اراد ان يكون مميزا بطريقته. لم استمتع ابدا بقراءتها، لا يوجد هدف منها، العديد و العديد من الصفحات المملة. 

 هذه الرواية مثلها كمثل أي فيلم رعب نشاهده على التلفزيون، عندما يموت كل من يمد يد العون للبطله، و كذلك ذلك الشرطي الاحمق الذي يهب للمساعده لوحدة دوما، و هكذا تسير الامور. حاولت داربي مساعدة جاي الطفلة الصغيرة المختطفة، التي لم تعرفها يوما، دارت الاحداث على مدى اكثر من ٥٠٠ صفحة بين كر و فر بين داربي و ذلك المهووس المختطف آشلي. تارة تهرب جاي و داربي و تارة يلحق بهم، ٥٠٠ صفحة من ذلك الهراء. قيمت الكتاب بنجمتين فقط لاسلوب الكاتب الشيق، الذي جعلني انهي الكتاب في يوم واحد فقط، اما عن موضوعه فلا يستحق اية نجمة. 

 نحن نتعامل مع الألم بطرق مختلفة، بعضنا يأبى النسيان، و بعضنا الآخر ينسى ليكمل حياته و يعيش. هكذا فعل أنطون، الذي فقد والديه و أخيه بيتر في لحظة واحدة الى الأبد على يد الألمان، كان ذنبهم ان جارهم  جر جثة انسان خائن الى امام بيتهم، لينقذ سحاليه اللعينة. نعم فضل انقاذ السحالي، مما كلف ثلاثة اشخاص حياتهم، و احراق بيتهم، و تشريد ابنهم، الذي لحسن حظه كان صغيرا، مما شفع له عند الالمان و نقلوه الى عهدة خاله. كان انطون يتجنب الالم، بعدم الحديث عنه و نسيانه، لكن في كل مناسبة، كان يتذكر و يتألم بدون ارادته، فذكريات والديه و بيته، و ذكريات تلك السجينة التي رعته ليلة فقدان والديه، ما فتأت تغادر خياله و أحلامه. حاول الكاتب تصوير قصة مؤلمة من تاريخ مؤلم عاشته البشرية، فوفق بها و نجح، قصة انطون هي قصة شخص يعيش بيننا، نحس بأننا نعرفه، يحمل ألمه و ينساه ليكمل حياته. 

 ان الكتاب اليابانيين و اسلوبهم الفريد المشوق ،و تلك القضايا الخارجة عن المألف التي يتناولونها، و مع وجود حكمة منها في وسط السرد، هو ما يميز الادب الياباني عن غيره. نعم حاول أوساكاوا اقحام انفه في أمر لا يعنيه، صار جزءا من اللعنة، لعنة فتاة امتلكت هي ووالدتها قدرات تختلف عن الاخرين، فواجهتا النبذ و الكراهية، كما هي عادة من يختلف قليلا عن الناس في هذا العالم. كان مصير ساداكو، كراهية العالم لها، انتحار والدتها و عدم اعتراف والدها بها، رغم ذلك كله اغتصبها طبيب و قتلها و اغرقها في بئر مهجورة ، يال البشاعة! فقررت ان تسمع صوتها للعالم، عن طريق قدراتها، و قررت الانتقام و هو ما حصل، و كان أوساكاوا بفضوله ،و ريوجي بحبه للمغامرة و استكشاف المجهول هم من ساعدا بنشر هذا الانتقام لكل العالم. آلمني ريوجي كثيرا، اخبرني حدسي بانه يخفي شخصيه بريئة خلف ما يتظاهر به، كان موته أليما وحيدا.